السبب وراء فشل معظم النشرات البريدية
تعد النشرات البريدية واحدة من أقدم وأبسط وسائل التواصل مع الجمهور، وقد استخدمها المسوقون، الشركات، وحتى الأفراد منذ عقود لتعزيز العلاقة مع المتلقين، تقديم محتوى مفيد، وزيادة التفاعل مع المنتجات أو الخدمات. ورغم تطور الأدوات الرقمية وظهور منصات التواصل الاجتماعي، لا يزال البريد الإلكتروني يمثل وسيلة رئيسية في التسويق والإعلام. إلا أن العديد من النشرات البريدية تفشل في تحقيق الأهداف المرجوة منها، سواء كانت تهدف إلى زيادة المبيعات أو تعزيز الوعي بالعلامة التجارية أو حتى تحسين التواصل مع العملاء.
أسباب فشل النشرات البريدية
-
محتوى غير موجه أو غير ملائم للجمهور المستهدف
واحدة من الأسباب الرئيسية لفشل النشرات البريدية تكمن في المحتوى نفسه. عندما لا يتماشى المحتوى مع اهتمامات واحتياجات الجمهور المستهدف، لا يحقق البريد الإلكتروني الفائدة المرجوة. يمكن أن تكون النشرة البريدية مليئة بالمعلومات القيمة ولكن إذا لم تكن موجهة بالشكل الصحيح أو إذا لم يكن الموضوع يتوافق مع توقعات المتلقي، فإنها ستجد طريقها مباشرة إلى سلة المهملات.
ينسى العديد من المسوقين أن البريد الإلكتروني ليس مجرد وسيلة للترويج بل هو أيضًا أداة لبناء علاقة مع المتلقين. إذا لم يشعر المتلقي أن المحتوى يقدم قيمة مضافة له، فإن احتمال فتح الرسالة أو التفاعل معها يكون ضئيلًا للغاية.
-
تصميم غير جذاب أو غير قابل للقراءة
التصميم الجيد هو عنصر حاسم في نجاح أي نشرة بريدية. في عالم مليء بالمعلومات والرسائل المشتتة، يلعب التصميم دورًا مهمًا في جذب انتباه القارئ. لكن غالبًا ما تقع النشرات البريدية في فخ التصاميم المبالغ فيها أو غير المتوافقة مع الأجهزة المختلفة.
الرسائل التي تحتوي على تصميم معقد أو غير منظم قد تشتت انتباه القارئ، بينما الرسائل التي تحتوي على تصميم بسيط، واضح، ومنظم تجعل تجربة القراءة أكثر سلاسة. كما أن النصوص الصغيرة جدًا أو الألوان غير المتناسبة مع الخلفيات قد تؤدي إلى صعوبة في قراءة الرسالة، مما يقلل من احتمالية التفاعل مع المحتوى.
-
عدم الاهتمام بالموضوع (Subject Line)
يعتبر العنوان أو الموضوع (Subject Line) من أكثر العوامل التي تحدد ما إذا كان المستلم سيفتح الرسالة أم لا. العنوان السيئ أو غير الجذاب هو غالبًا ما يجعل النشرة البريدية تتعرض للتجاهل فورًا. إذا كان الموضوع غير واضح أو يبدو مملًا، فإن المتلقي لن يبذل جهدًا لفتح الرسالة.
الموضوع يجب أن يكون مختصرًا، جذابًا، ومباشرًا. كما يجب أن يعكس محتوى البريد الإلكتروني بشكل دقيق. العناوين المضللة قد تؤدي إلى فتح البريد لمرة واحدة ولكنها تؤدي أيضًا إلى تراجع الثقة بين المرسل والمستقبل مع مرور الوقت.
-
عدم تخصيص الرسائل بشكل فردي
النشرات البريدية التي تُرسل دون تخصيصها للمستلم بشكل فردي غالبًا ما تكون أقل فعالية. عندما يشعر المتلقي بأن الرسالة مرسلة إلى عدد كبير من الأشخاص دون أي اهتمام باحتياجاته الخاصة أو اهتمامه الشخصي، فإنه يميل إلى تجاهلها.
يستخدم العديد من المسوقين البريد الإلكتروني بشكل جماعي دون التفكير في تقديم تجربة شخصية، مما يؤدي إلى انخفاض التفاعل مع المحتوى. تخصيص البريد الإلكتروني — مثل ذكر اسم المستلم أو تخصيص المحتوى وفقًا لتفضيلاته أو سلوكياته السابقة — يمكن أن يعزز بشكل كبير من فعالية النشرة البريدية.
-
الإفراط في إرسال الرسائل
الإفراط في إرسال الرسائل البريدية هو أحد الأخطاء الشائعة التي تؤدي إلى فشل الحملات البريدية. عندما يتلقى المستخدمون رسائل متكررة بشكل مفرط، فإنهم يبدأون في الشعور بالإزعاج ويقررون إلغاء الاشتراك في القائمة البريدية.
تعد كثافة إرسال الرسائل أمرًا بالغ الأهمية. يجب أن تكون النشرات البريدية موجهة بعناية لتكون ذات قيمة حقيقية عند إرسالها. إرسال رسائل كثيرة يؤدي إلى نفس النتيجة، وهي شعور المتلقي بالإرهاق والتجاهل.
-
عدم وضوح الدعوة للعمل (CTA)
في العديد من النشرات البريدية، تكون الدعوة للعمل (Call to Action – CTA) غير واضحة أو غير موجودة. إذا كانت النشرة البريدية تحتوي على محتوى جيد ولكن لا تتضمن دعوة واضحة للعمل، فإن الجمهور قد لا يعرف ماذا يفعل بعد قراءة الرسالة. هل يتعين عليهم شراء منتج؟ الاشتراك في خدمة؟ أو حتى زيارة موقع ويب معين؟
على النشرة البريدية أن تتضمن دعوة واضحة وملحوظة للمتلقي ليعرف بالضبط الخطوة التالية التي يجب أن يتخذها. يجب أن يكون الزر أو الرابط المعني بالدعوة للعمل مرئيًا وسهل الوصول إليه، ويجب أن يحدد بوضوح الفائدة التي سيحصل عليها المتلقي عند النقر عليه.
-
عدم وجود تجربة موبايل متوافقة
في الوقت الحاضر، يفضل العديد من الأشخاص تصفح البريد الإلكتروني على الهواتف المحمولة بدلاً من أجهزة الكمبيوتر المكتبية. لذلك، إذا كانت النشرة البريدية غير متوافقة مع الأجهزة المحمولة، فإنها ستفشل في جذب الانتباه. الرسائل التي لا يتم عرضها بشكل صحيح على الشاشات الصغيرة تؤدي إلى تجربة سيئة، مما يجعل المتلقي يغلق الرسالة فورًا.
يجب أن تكون النشرات البريدية مصممة بشكل يجعلها قابلة للقراءة بسهولة على جميع الأجهزة، مع مراعاة الأبعاد المناسبة للنصوص والصور، فضلاً عن الحفاظ على حجم البريد الإلكتروني مناسبًا لسهولة تحميله.
-
عدم قياس وتحليل الأداء
واحد من أكبر الأخطاء التي يرتكبها المسوقون هو عدم تحليل نتائج حملاتهم البريدية بشكل دوري. بدون فهم البيانات المتعلقة بكيفية تفاعل المتلقين مع النشرات البريدية — مثل معدلات الفتح والنقر، وأوقات القراءة، والردود — لا يمكن تحسين الحملة في المستقبل.
يعد تحليل البيانات من النقاط الأساسية لضمان النجاح المستدام للحملات البريدية. من خلال تتبع النتائج وتحليل سلوكيات المتلقين، يمكن للمسوقين فهم ما يعمل وما لا يعمل، وبالتالي إجراء التعديلات اللازمة على الرسائل المقبلة.
-
المحتوى الترويجي المبالغ فيه
قد يشعر المستلمون بالإحباط عندما يتلقون رسائل بريدية مليئة بالعروض الترويجية أو المبيعات فقط. في حين أن الهدف من النشرات البريدية قد يكون الترويج لمنتجات أو خدمات معينة، يجب أن يكون المحتوى متوازنًا بحيث يتضمن معلومات مفيدة وذات قيمة، وليس فقط عرضًا ترويجيًا.
التوجه نحو تقديم محتوى ذي صلة يعزز من العلاقة بين المرسل والمستلم، مما يساعد على بناء الثقة. عند تقديم قيمة حقيقية عبر النشرات البريدية، تصبح العلامة التجارية أكثر مصداقية في نظر المتلقين.
-
عدم الاهتمام بالجودة ووجود الأخطاء
أخطاء الكتابة أو الأخطاء الإملائية في النشرة البريدية يمكن أن تكون سببًا آخر لفشلها. الرسائل التي تحتوي على أخطاء تظهر للمستلم أن العلامة التجارية غير محترفة أو غير مهتمة بالتفاصيل. مثل هذه الأخطاء تؤثر على انطباع المتلقي عن مصداقية العلامة التجارية.
يجب على المسوقين التأكد من أن النشرات البريدية خالية من الأخطاء، سواء في النصوص أو في الروابط. مراجعة الرسالة قبل إرسالها أمر ضروري لضمان أن كل شيء على ما يرام.
خاتمة
إن فشل معظم النشرات البريدية يعود إلى مزيج من عوامل متنوعة، منها تصميم غير مناسب، محتوى غير موجه، وتجاهل لاحتياجات الجمهور. لتحقيق النجاح في الحملات البريدية، يجب على الشركات والمسوقين التركيز على توفير محتوى مخصص وجذاب، تصميم سهل القراءة، وتحليل الأداء بشكل دوري. كما يجب عليهم الابتعاد عن الإفراط في الترويج والتركيز على تقديم قيمة حقيقية للمستلمين. إن التفاعل الجيد مع الجمهور يبدأ من الفهم العميق لاحتياجاتهم وتقديم محتوى يتناسب مع هذه الاحتياجات بشكل فعال.
